JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

انقِلاب




بقلم الكاتبة العراقية أ. مينا راضي - صحيفة إنسان

 

لماذا؟ لماذا تكونُ الأيامُ الماضيةُ أجمَلَ في أعيُنِنا؟ لماذا تَفقِدُ اللَحَظاتُ طَعمَها عندَما تكونُ لَحَظاتٍ راهِنة؟ لماذا نوَظِّفُ فِعلَ "كانَ" في الكَثيرِ منَ الوَظائفِ و الرُتَب؟ تَكادُ اللُغةُ أن تُكَرِّمَ هذا الفِعلَ لتَفانيهِ في خِدمةِ البَشَرية. إنهُ يَبعَثُ عبرَ خُرومِ الذاكِرةِ رائحةَ الماضي، رائحةَ الذِكرى التي ما زالَت طازِجة، و يَجُرُّ من وَرائهِ سَيلًا من دُموعِ الحَسرة. "كانَ"، هَودَجٌ يَعودُ بذاكِرَتِنا إلى مَسقَطِ رأسِها، مُذَنَّبُ الجَمالِ المارِقِ عَبرَ كَيانِنا.

تُرى لماذا يُلَوِّثُ الزَمَنُ جمالَ الأشياء؟ لماذا تَبهتُ العَلاقاتُ عندما يَدهَسُها قِطارُ الوَقت؟ لماذا يَنفَضُّ الأشخاصُ من حَولنا كلما تَقَدَّمنا في السِن؟ لماذا يَحكُمُنا الفُتورُ تحت مُسَمّى النُضج؟ لماذا يَنطَفئُ بَريقُ العُيونِ و تَخبو تلك الثَورةُ الطُفولية؟ اينَ ذهبَ كل ذلك الصَخَب؟

لقد ازدادَت الأمورُ تَعقيدًا و باتَت المَشاعِرُ صعبةَ التَصنيف، فجُيوبُ الآباءِ لم تَعُد تَحمِلُ داخِلَها مَسَرّاتِنا الكَبيرة، بينما امتَلأت جُيوبُ النَفسِ بالتَراكُمات، بالكَلامِ المَخنوق، بالتَنَهُّدات، لقد انقَلَبَ كل شَيء.

الاسمبريد إلكترونيرسالة