JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الشهر الفضيل




بقلم الكاتبة العراقية أ. مينا راضي - صحيفة إنسان

 

معَ بدايةِ كلِّ شهرٍ فَضيلٍ نُقَرِّرُ مُسامَحةَ مَن حولِنا و الصَفحَ عنهُم، نَعقِدُ العَزمَ على مَحوِ كلَّ زّلّاتِهِم المَنحوتةِ في أرشيفِ ذاكِرَتِنا، نُقَرِّرُ أن نَبدأَ صَفحةً بيضاءَ نَقيّةً معَ الجَميع. لكن هل فَكَّرنا يومًا أن نُسامِحَ أنفُسَنا؟ هل سَبَقَ و أن سَمِعنا نَصيحةً رَمَضانيّةً أو غيرَ رَمَضانيّةٍ تَحُثُّنا على تَجاوُزِ ماضينا أو التَصالُحِ معَ تَجارُبِنا المُؤلِمة؟ أظُنُّ أن الإجابةَ هيَ ببَساطة "لا" لا يوجَدُ دَليلٌ يُعَلِّمُنا كَيفيّةَ مَحوِ الذِكرَيات أو التَجاوُزِ عن أخطائِنا. فيَنشَأُ الفَردُ مِنّا فاقِدًا ذلكَ المِفتاحَ الذي يُمَكِّنُهُ منَ الدُخولِ إلى حَنايا ذاتهِ و الغَوصِ في أعماقِها، جاهِلًا السَبيلَ الذي يَقودُهُ إلى بُؤرةِ النَفس. الحَقيقةُ هيَ أنَّ الكَثيرَ مِنّا لا يُجيدُ فَنَّ مُجالَسةِ الذاتِ و الحِوارِ معَها، كأننا هدَمنا تَدريجيًّا تلكَ الجُسورَ التي تَربِطُنا بأنفُسِنا. و كما نعلَم، إنَّ الفَوضى التي تَغزو عَوالِمَنا الداخليةَ الموصَدةَ تُخَلِّفُ فَوضى و أدرانًا تتَسَرَّبُ إلى علاقاتِنا بمَن حولَنا. عندَما تَتَراكَمُ الشَوائِبُ التي تُعَكِّرُ صَفوَ علاقَتِنا بأنفُسِنا، فإنَّ تلكَ الشَوائِبَ تَتَدَفَّقُ إلى الخارِجِ بكُلِّ سُهولة! لا يَجِبُ على المَرءِ أن يَنغَمِسَ في تلكَ الهالةِ المُحيطةِ بهِ و التي تُدعى العالمَ الخارِجي، و إلا فسَيَغفَلُ عن الامانةِ التي وَهَبَها أيّاهُ رَبُّهُ ألا و هي النَفس. عندَما نَخنِقُ ذَواتَنا بحِبالٍ منَ التَجارُبِ السابِقة و نَجلِدُ أنفُسَنا باستِمرارٍ تحتَ مُسَمّى "مُحاسَبة النَفس" فسَتَنهارُ كلُّ علاقاتِنا الأخرى و لن تَبقى صامِدة، لأنَّ علاقةَ المَرءِ مع ذاتِهِ هيَ البُنيةُ التَحتيّةُ لسائِرِ العَلاقات، هيَ اللّبِنةُ الأولى لكلِّ علاقةٍ أخرى يَبنيها الإنسانُ في حَياتِه.

الاسمبريد إلكترونيرسالة