JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

العدالة الاجتماعية



بقلم الكاتبة السورية أ. نصرة الأعرج – صحيفة إنسان

 

العدالة الاجتماعيّة هي أحد النظم الاجتماعيّة التي من خلالها يتم تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع من حيث المساواة في فرص العمل، وتوزيع الثروات، والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك، وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيز.

فالحديث عن العدالة الاجتماعية هو حديث عن كل المشاكل دفعة واحدة، لأن  ضعف تحققها ينتج  شتى أنواع الأزمات والامراض الاجتماعية الخطيرة. فكل مشكلة يمكن تفسيرها بغياب العدالة الاجتماعية وكل تقدم وتنمية حقيقية يفسران بالضرورة بنجاح ملموس في مسار تحقق العدالة الاجتماعية.

وعلى مستوى العالم تبدو العدالة الاجتماعية غائبة، اذ إن الدول القوية تمتلك الثروة وتسيطر على ثروات الدول الضعيفة،

يحتفل العالم كل عام من العشرين من شباط فبرابر باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، ذلك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت اعتبار هذا اليوم يوماً عالمياً للعدالة الاجتماعية وذلك منذ عام 2007.

وكما نلاحظ، فإن تاريخ هذا اليوم العالمي حديث العهد ، مقارنة بقدم مفهوم العدالة الاجتماعية، وتأثير اللاعدالة في تاريخ الشعوب والإنسانية منذ فجر التاريخ، إذ إن الخلل في العدالة الاجتماعية ظل خاصية تطبع المجتمعات بشكل متفاوت جداً.

يحق لنا أن نطرح  باستمرار عن وضع حال العدالة الاجتماعية في المجتمعات العربية اليوم، و طرحه يمثل أداة قياس ناجعة مع محاولة قراءة الخلل كماً ونوعاً.

فالمقصود بالعدالة في السياق الاجتماعي هو وصف واقع هذه العدالة، إذ إن العدالة الاجتماعية هي التوزيع العادل لكل من الثروة والفرص والامتيازات، وأنها المساواة في الحقوق. وهكذا يتضح لنا إلى أي حد يسهل وصف العدالة الاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات، ذلك أن أرقام الفقر والبطالة وواقع الحقوق ومؤشرات التمييز من عدمه ونسبة محتكري الثروة وكيفية توزيعها... كل هذه البنود هي تفاصيل أساسية في تحديد واقع العدالة الاجتماعية.

 ومفهوم العدالة الاجتماعية في ستينيات القرن المنصرم ليس هو نفسه اليوم. اذ ان المعنى الذي كان غالباً على العدالة الاجتماعية هو الشق المادي وكان كل النقد مركزاً حول كيفية توزيع الثروة داخل المجتمع ورصد التفاوت في عملية التوزيع، والاحتكام  إلى مفهوم العدالة الاجتماعية هو احتكام إلى التحليل المادي في تفسير وفهم الظواهر الاجتماعية وبالنتيجة يرجح البعد المادي في مفهوم العدالة الاجتماعية ويبقى الأقوى بالنظر إلى ما ينتج عن التفاوت في توزيع الثروة من أزمات اجتماعية والتي وحدها تبقى الأكثر قوة في تفسير الاحتجاجات و الثورات التي اندلعت في الآونة الأخيرة في شوارع العربية منها والعالمية معلنة رفض الواقع المفروض من سلطات

 اليوم أصبحت العدالة الاجتماعية تعني الثروة والحقوق والسلطة، والمساواة ليست في الثروة فقط، بل في الحرية، والقضاء على أشكال التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العرق اذ هنا نكون أمام المستوى الثقافي الحقوقي من العدالة الاجتماعية. وهذا المعنى تابع لمفهوم العدالة الاجتماعية منذ نشأتها و الانتباه إليه تزامن مع الاهتمام بالفرد وبقيم المواطنة التي ترفض أي تمييز بين المواطنين. ولعل مفهوميّ البنى التحتية والبنى الفوقية أكثر من يدعم عراقة المعنى الثقافي في مفهوم العدالة الاجتماعية، اذ إن من يهيمن على وسائل الإنتاج ويمتلكها يفرض ثقافته ورؤيته للعالم. لذلك فإن العدالة الاجتماعية هي ضرب لظاهرة الهيمنة المادية والرمزية.

ولاننكر أن مجتمعاتنا اليوم قطعت خطوات في مجال العدالة الثقافية ولكنها ما زالت دون الد  المطلوب، وهذا ما يفسر التوترات الاجتماعية القائمة على أساس الجنس والمذهبية. ومن الملاحظ أن التفاعل مع حقوق الفرد وحرياته سواء منها الفردية او العامة في حالة حراك يختلف مداه وشدته من مجتمع لآخر، وهو حراك لا يكتفي حقيقة بالإرادة السياسية فقط بل يقوم على إرادة اجتماعية قوية في التغيير

ولتظل العدالة الاجتماعية بالمعنى المادي الاقتصادي مشكلة أساسية في غالبية مجتمعاتنا العربية، فالتخبط بين نماذج تنموية غير مدروسة، والفقر والبطالة ما زالا يهيمنا على الواقع االعربي، الأمر الذي جعل المحبط منه لقمة سهلة تلتقطها شبكات الاستبداد

هناك فكرة مهمة تضمنها إعلان كوبنهاغن في اختتام أعمال مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية عام 1995 تؤكد بوجود العلاقة التبادلية بين العدالة الاجتماعية والأمن والسلام التي كرسها اعلان كوبنهاغن  عام 1995 تجعلنا امام فكرة بان المجتمع الذي يعاني من الحيف الاجتماعي والتوزيع الظالم للثروة هو مجتمع غير آمن، وسيظل مهددا بعد الاستقرار ومحكوما بالفوضى وتجعل منه فتيل بارود يوقد من حوله.

الاسمبريد إلكترونيرسالة