أهم 40 موقع ومنصة تعليم مجاني عبر الانترنت

بقلم أ. شريفة زرزور - صحيفة إنسان

 

يقال: المكتوب يبان من عنوانه ، و يقال أيضًا :

لا تحكم على الكتاب من عنوانه ، فأيهما أصدق عندما يتعلق الأمر برواية أو فيلم بعنوان حياة الماعز ؟

قد يخيل إليك أنه عنوان بسيط و ساذج ، لكن خلف تلك النعومة و البساطة قد يتوارى سر خفي يثير شكوكك فتسير خلف حدسك و تجد نفسك مندفعًا لاستكشاف ما يخفيه متوقعًا وجود فخ مبطن بين طيات كلمتين يبدو أنهما بريئتان و عفويتان و عندما تبدأ في التوغل لإرضاء فضولك وكشف المستور تكتشف أن هناك عملًا شائنًا يُراد فضحه ونشر غسيله على الملأ لكن هل من العدل تعميم هذه التجربة الفردية على مجتمع بأكمله ؟ كما يقول المثل الشعبي: "كل عنزة معلقة بعرقوبها". فلماذا التعميم و التشويه؟

أرى أن تسليط الضوء على ظاهرة منبوذة كالعنصرية و الاسترقاق أو النظرة الدونية هو بلا شك لفتة شجاعة تستحق الشكر لطرح مثل هذه القضايا الجريئة في كشف المستور وسبر أغوار هذه الممارسات التي تختبئ في زوايا مظلمة و تنام في أروقة معتمة داخل كل مجتمع لكن المشكلة تكمن في تعميم هذه الظواهر و إلقاء اللوم على مجتمع بأسره بدلاً من معالجة تلك الممارسات باعتبارها انحرافات فردية .

الرواية أو الفيلم الذي يركز على قضية إنسانية بهذا الحجم يمكن أن يكون وسيلة لفهم هذه الظواهر وتسليط الضوء عليها لكن عندما يتم توجيه أصابع الاتهام بشكل جماعي و تعميم سلوكيات فردية لتشمل هرم المجتمع بأكمله و يصبح العمل مشوبًا بنية تحريضية تهدف إلى تشويه صورة مجموعة معينة فهنا تظهر علامات الاستفهام حول مدى موضوعية هذا الطرح وهل هو محاولة جادة لحل مشكلة أم أنه مجرد هجوم مغرض ؟

كما ذكرت آنفاً ، إن طرح المشاكل الاجتماعية والسعي لحلها يتخلى عن غايته و يفقد قيمته إذا تم تشويه الرسالة بأجندات خفية تسعى لتعميم الحكم على مجتمع كامل بناءً على أخطاء فردية . يمكن القول إن "حياة الماعز" تعكس جوانب قد تنطبق على أي مجتمع بشري من أرقى طبقاته إلى أدناها  فيمكن أن تكون في البيوت و المدارس و انطلاقاً إلى المؤسسات الكبرى و الشركات المشهورة ….الخ و ما يحد و يحسر من انتشارها هو مستوى الأخلاق التي نتحلى بها بعيدًا عن الاعتبارات الثقافية أو الدينية أو المادية.

في النهاية، القضية تتعلق بخلل في المنظومة الأخلاقية للإنسانية جمعاء .