JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الغياب المضحك



بقلم أ. فاطمة حسين - صحيفة إنسان

يقول ميلان كونديرا في كتابه " اللقاء " واصفاً  شخوص رواية الغبي لدوستويفسكي بعبارة:  "الغياب المُضحك لما يُثير الضحك"

أن الشخوص التي تضحك أكثر من غيرها لا تملك ميلاً للدعابة، بل على العكس من ذلك هي تلك الشخوص التي لا تملك من ذلك شيئًا، وأنا اقرأ هذا التعريف " للمُضحكين " راودتني الكثير من التساؤلات  من أهمها  صحة ذلك القول المآثور : " إنَّ فاقد الشيء يتقنهُ بالعطاء" خاصة بعد أنْ ضحكن البنات ذلك الضحك الهستيري على حكايات بافلوفيتش على الرغم من إنهَّنْ لم يكن على إستماع له  مما أثار الملاحظة في نفس بولوفيتش لذلك الشيء  الغريب للكينونة البشرية الفاقدة للسعادة وفي حين آخر نراه يضحك على ضحكهن على الرغم من عدم وجود سبب للضحك..!! كذلك موقف  ميكشين الذي جلس على الكرسي لينتظر  تلك المرأة ولكنه ومن دون سبب وجد نفسهُ  غارق في الضحك بالرغم من إنِّه لم يكن بمزاج جيد أبداً، ولم يكن هناك اي سبب طريف أو هزلي. وكذلك عندما جاءت المرأة وضحكت ضحكة قوية من دون أي سبب للضحك فقط من باب التوبيخ السخري على نومهِ وهو ينتظرها في تلك الحديقة، من خلاصة تلك المواقف أقرَّ كونديرا ذلك الكاتب الناقد الذي لا يزال هو من المفضلين لدي فكرياً بأنَّنا محتجزين في عالم يفرض علينا الضحك من دون أنْ نملك أسباباً للضحك لربما هذا القول يقودنا لأن نفتقد عدم وجود الحداثة التي منحت للأنسان الضحك الهستيري من دون أنْ يملك حس الدعابة أو حتى يكون هناك سبب واحد للفرح فتجد أكثر الناس بؤساً اليوم هم أكثرهم ضحكاً وأن أكثر الناس سعادةً  هم أكثرهم  ميلاً للتجهم والعبوس وإنَّ من يملك مقدراً من الأدراك تجدهُ أكثر الناس صمتاً ومن يملك أقل مقداراً من الأدراك تجده أكثرهم لغواً، إنَّ هذا ما ندركه ونتداركه اليوم في عصر أقل ما يقال عنه عصر الفراغ الذي منح للناس إباحة كل شيء يختلج في المشاعر ومنع المشاعر نفسها سواء كان ذلك بإرادتنا او حتى كنا ضحايا ذلك الأدراك  فأن الحقيقة لا تتغير. ولبؤسي أن يدرك الإنسان أنه وقع في الفراغ على الرغم من أحتراسهِ الشديد من ذلك الفخ الذي يسحب منك كل رغبة للعيش  او الكلام  بينما أنت مذياعاً للضحك الهستيري.. وإنها لأصعب  لحظة إدراك في هذا العالم .

الاسمبريد إلكترونيرسالة