JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

يسمعُ همسكَ




بقلم الكاتبة اليمنية أ. خلود عبد الصمد أحمد - صحيفة إنسان

 

زملوني، زملوني بسرعة…

 

ضعوا بردتي عليّ، فأسناني تصطكُ بحدَّةٍ، وجلدي ينكمشُ كورقةٍ خريفيّة، إنّ البرءَ باتَ أمنيةً مستحيلة الآن، فغطوني، استروا ما تبقى منّي، فقد كنتُ كتابًا مفتوحًا طيلة حياتي، وكشفتُ للغفرِ كلّ كبيرةٍ وصغيرة عنِّي حتّى تهافتتِ الأسقامُ عليّ من كلّ حدبٍ وصوب، وابتليتُ بمرضٍ عضال أباء بروحي، وأبى أن يرحلَ!.

 

كررتُ النّداء مرّة أخرى، ولمتُ صوتي الّذي لم يتمكن أن يصلَ لسقفِ غرفتي، ولكنّي مع كلّ هذا سمعته.

تساءلتُ في قرارةِ نفسي: لِمَ لمْ يلبي أحد طلبي الأخير؟، أظنُّوا أنِّي كاذب؟!

التمستُ لهمَ سبعينَ عذرًا في اللحظةِ الّتي كنتُ أتوقُ فيها لعذرٍ آخر أعطيهُ لروحي حتّى ترحمني.

لعلّ القيظَ كان طاغيًّا على اللحظةِ الوحيدة الّتي كنتُ صادقًا فيها، والّذي زادني يقينًا سؤال أحدهم: نغطيك! في هذا الصِّيف تغطيتنا لكَ هي جريمةٌ بحقِ جسدكَ.

 

جسدي!

ههههه خانتهُ أبجديتهُ عندما وصفَ ضريحي، وجثتي المهترئة بالجسد، لو رأى كيفَ أحبو بسببِ الوهن حتّى أشربَ الماءَ الّذي اكتشفُ أنّه قد تأسن منذ زمن بعد أن كنتُ اتكفأ في مشيتي لعرفَ أنّ ما بي هو تمردٌ جائر على نفسٍ بشريّة كانتْ تظنُّ أنّها أقوى من النّوازل، والصُّروف حتّى باغتتها السّنين والظّروف، فأمست طريحةَ الفراش، ونداؤها الوحيد هو: زملوني.

 

لن أناديهم كفى!

ثُلّة من البشر لم تستطع أدمغتهمُ الألمعية أن تراقبَ حواسي وتشعرُ باحتضاري!

طلبتُ منهم الرَّحيل، فما عاد إرضائهم غايةً، ولا سعادتهم السّبيل، كلّ ما أطلبه الآن أن أشعرَ بأنّ هناك من يسمعني.

 

صرختُ صرخةً مدويّة: أواه من هذا الألم الكبير، فصادفتُ صوت الأذانِ يرددُ: اللهُ أكبر.

صوتي الّذي ظننتهُ أنّه لن يتجاوز سقف غرفتي وصلَ إليكَ يا ألله، كيفَ أعلم هذا؟، شعرتُ بنفحاتِ دفءٍ بعدما نطق فؤادي: يا ألله، فعلمتُ أنّ المرءَ يتعافى بالقربِ منكَ وحدك، أنتَ طبيبي، وحبيبي وأجلي الآجل بيدكَ أنتَ، أنتَ الّذي سمعتَ همسي وصرختي منذُ البداية، ولكنّي كنتُ غافلًا عن الملجأ الرؤوم، ضاعت حياتي وأنا أبحثُ عن الموئلِ المُناسب لي مع من أحبّهم، فأيقنتُ أنّ طرقَ بابكَ وحيدًا هو جنتي الأسمى.

الاسمبريد إلكترونيرسالة