JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الوصية




بقلم الكاتبة السورية أ. هبة عبد العال - صحيفة إنسان

 

وإن طال المدى ستفارق روحي مقاليكم، أدوات السفر ستجمع، ومنادي الرحيل يُسمع، وتأتي لحظة ما ! أثناء انشغالي بأعمالي المعتادة يقف عقلي وتُطفئ شمعتي، وتسافر الروح إلى مكان فيه بصمة أخرى من حياة بنوع آخر.

حيّنها ستلتصق ربما أحد كلماتي، أو عباراتي تفاصيل عني ارتبطت بذاكرة الأمكنة، همساتي في جوف الليل، في الصلاة، طقوس كنت أمارسها، تعطي أرواحكم البقاء بمخطوطات تحتضن عمق المشاعر، وترتعش أجسادكم حين تذكرها .

لكن السؤال هل يبقى اسمي في مخيلتكم؟ رغم البعد أنا أين أنا؟ مغيبة في غياهب زمن قد انتهى بجميع طياته ؟!

ولم يبق لكم مني إلا عبق ذكرى وحروف, هل ستتذكروني؟  أم سرعان ما ينسى الأحياء أمواتهم؟  صديقي أكس ماكس العزيز, في يوم ما سأرحل ويرحل معي إزعاجي.

في تاريخ لا يعلمه إلا الله سأكون جسد بارد، فارقته الروح ، وسَيُأتى إليك بورقتي هذه في ظرفٍ خطَّ عليه بعنوان عريض؛ تسلم يداً بيد إلى صديقي إكس ماكس.

عزيزي صاحب البحة الذهبية، أستشف علامات ذبول وجهك وقلبك ،وأنا من كان يستمدُّ من نور وجهك سعادتي، اطمئن لا داعي للقلق، أصبحت بخير الآن ،شُفيت الروح من وجعها، وغصة قلبي تلاشت، ترقبي لك يا غصة العمر رحل! برحيل ساعتي! لقد عشت ملايين الدقائق وآلاف الساعات في ترقبٍ طعمه حنظل معجون بشوكِ صبار! لكن هنا لا ساعات لا وقت، وذلك أعظم وأجمل ما في الأمر؛ لم أعد أشعر بمرارة غيابك المتكرر ولم تعد تزورني نوبات حزني ، والأهم زال عني جاسوم الحلم.

حاول أن تصغي لقولي المدفون ،لن تجد يا شقيق الروح محباً لك مثلي، ربعُ ما أحببتك به يعادل حب العالِم لاكتشاف السراديب المدفونة أسفل الأهرامات، وأسرار جمال شعر الموميات، والخطوة الأولى على الكوكب الأرجواني الحار، وفرحة معرفة خواص الهيدروكسيد في علاج فيروس الكوفيد ، وبريق عين لاجئ أُعطي تكت الطيران لوطنه .

هل ستلامس نبرات صوتي المبحوح جدار سمعك؟  اقرأ لي إن سمحت سورة الفاتحة وهبها لروحي، علّها تنير عتمة قبري الموحشة، أحس أن الأحياء قد أغلقوا سمعك بضجيج كلامهم المنمق ، اسمعهم جيداً لكن لا تمنح ثقتك الا لعائلتك؛ عائلتك فقط خذها من حبيبة سابقة لن تندم.

حاستي السادسة تخبرني أنك أصبح لديك حبيبة قديمة جديدة، وقلب آخر ،ومستقبل تراه سعيد وأراه سرق من سعادتي(أتغار النساء من النساء حتى في باطن الأرض)  لروحك السعادة يا قمري  .

يا شقيق الروح عدّني بالوصول إلى ماكنت تصبو اليه من منصب ،وزورني مرة في الشهر او مرة في العمر ،واهمس لي قرب القبر بذلك، واعلم أنني سأفرح وسألمع نجمة في السماء

هل تسمع ندائي القادم من باطن الارض، كن سعيداً؛ لا تسمح لأحد أن يعكر صفوَ مزاجك العطرِ اضحك ملئ المكان الفارغ،  كن أنت الجميل وأجمل أب.

اعذرني قد بعثرت ضجيج قلبك، من بوح قلبي، ووجع روحي، ملامحي لم تعد كالسابق اندثر الجمال ، وحل مكانه هباب الغبار ،وبقايا رمل وتراب، وبضعاً من خصل شعر متناثرة .

ان كنت ترغب واستلمت رسالة وصيتي ،وتابعت إلى النهاية، فلا يمنعك الازدحام وضجيج من حولك من الدعاء لي ، وانا في هذا المرقد ،كم هو صغير يا غيث، متران في متر ضيق للغاية كضيق حيلتي في الحصول عليك .

يا مبعثر الروح كن بخير لأجل من يحبونك، لأجلي أنا ، لأجل سعادتك، كن النقاء في زمن النفاق.

الاسمبريد إلكترونيرسالة