JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

(الحقيقة الكاذبة)




بقلم أ. محمد درويش - صحيفة إنسان

 

يحكى في الأساطير الإغريقيّة أن كاساندرا وهي ابنة بريام ملك طروادة وكانت محبوبة لشخصٍ يدعى أوبولو والذي وعدها بنعمة التنبأ إن استجابت لرغباته فوافقت على العرض، لكن ما إن حصلت على الموهبة حتى سخرت من أبولو وطلبه ورفضت تحقيقه. فانتقم أوبولو بأن جعل كل تنبؤاتها تكذّب من الناس فعاشت حياةً مؤلمة إذ أنها تعلم ماذا سيحدث ولكن لا أحد يصدقها، وما أصعب أن يكذّب المرء في الحقيقة!

أن يرى البؤس في عينيه قادمًا قاب قوسين أو أدنى ولا يستطيع أن يقدم شيئًا لمنعه! أن يرى الطائرات تَغير فوق رؤوس أهله في زاويةٍ ما في هذا العالم ولا يستطيع أن يفعل شيئًا لأجلهم! أن يرى عدوًا غاشمًا يحتلُّ أرضه وبيته ويحتكر عليه الطعام، والماء، والدواء ولا يستطيع أن ينهاه! في هذا العالم الغريب من الممكن أن ترى بلادًا بحالها تموت جوعًا بينما هنالك من يحتفل في بلدٍ آخر بحفلٍ ما يسمى ( يوم الطماطم ) إذ أن أبناء هذا البلد يتجمعون في كل سنة يومًا كاملًا في الشوارع والأزقة محملين بطنات من الطماطم يلقون بها أنفسهم ضاحكين لاعبين غير عابئين بمن هم غيرهم وأنت تشاهد هذا وذاك وليس بوسعك إلّا أن تزداد قهرًا وحزنًا!

في هذا العالم الغريب جدًا من الممكن أن يُكذب المرء بمَ يراه بعينه وإن اعترض فقد يزجرونه في السجن بتهماتٍ عديدة أقلها ( إرهـابي ) فلا يحق لك أن تقاوم قاتلك لإن المقاومة إرهابٌ مطلق! والدفاع عن النفس جريمةٌ يعاقب عليها القانون الدولي! وكيف لا وواضعوا هذا القانون هم السلاح الذي يُقتل به! وكيف لا والمشرعون هم الزخيرة التي تُملي بنادق القاتل! في هذا العالم الغريب مفارقاتٌ تشيب لها نواصي الولدان فقد عرفنا المجرم عبر القصص والروايات والأفلام ذا وجهٍ مريب ورائحةٍ نتنة وثيابٍ بالية أمّ الآن وقد عرفناه حقًا أنه يلبث طقمًا مؤنقًا يصعد متبخترًا فوق المسارح المقدسة مثل الجامعات والمسارح الفنونية يُلقي خطبًا رنّانة ويعرب عن قلقه وتوجسه واستيائه، حوله جمهورٌ أعشى يصفق له ويبجله! عرفنا الآن أنه من الممكن جدًا يكون المجرم خريج جامعات عريقة وصاحب دراساتٍ علية فالإجرام ليس حكرًا على أبناء الجهل والتخلف!

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة