بقلم أ. نغم الجوجو - صحيفة إنسان
في
يومٍ من أيامنا الغابرة قرر أصحاب الأرض والبيت والنوافذ و مُلّاك أشجار الزّيتون
والشّوارع والعتبات أن يقولوا (لا) بطريقتهم ، فردَّ عليهم سارقو الأراضي والمنازل
ومقتحمو الحياة ولو كان الهواء بأيديهم لسرقوه بكلِّ تبجحٍ وهمجيةٍ أن لا حق لهم
بالدفاع عن مقدساتهم ، وعلى الجانب الآخر نرى أن أصحاب الهيمنة والسّلطات ومناصرو
حقوق الإنسان يقفون مع طفلتهم المدلّلة ويرسلون لها الإمدادات والمساعدات كأمٍّ
متعجرفةٍ تعطي لابنتها الصّلاحيات التّامة بالتّخريب والتّصرف بانعدام التّربية
بحجة أنّها لا تقصد إلّا حماية نفسها والدّفاع عن ممتلكاتها التي سرقتها من
الآخرين وأخدتها منهم بالقوة والتّسلط تحت رعاية وإشراف والدتها بالطبع، وعلى طرفٍ
آخرٍ بعيدٍ يقف حاملو العروبة والكرامة منتفضين لا تخافوا فهم ندّدوا واستنكروا واستهجنوا
وشجبوا وقالوا لأهل وأرض القدس إنّا معكم كلاماً لا فعلاً ولا حتّى نية ،
ولكي نبتعد عن الظلم عقدوا بشكلٍ مستعجلٍ جداً بعد أكثر من ثلاثين يوماً من
العدوان القِمّة أي العلو من كلِّ شي وأنا لا أراها إلا انعقاد القُمّة أي القمامة
، والله إن هذا لعارٌ مقدحٌ بنا ، وعلى أرض السّلام التي ما رأت يوماً سلاماً نرى
العجب فلو كشف الله الحجاب عن سماء فلسطين لمدة عشر دقائق ، لشاهدنا أفواجاً من
الملائكة تتسابق للصّعود بأرواح الشّهداء إلى الله تعالى باحتفالية مهيبة والسّماء
تفوح منها رائحة العطر ، لرأيت جدّاً ينسج عبارات الغزل لحفيدته ( روح الرّوح) ،
وأمّاً ملكومةً تبحث عن طفلها يُوسف الذي يبلغ سبع سنوات شعره مجعد وأبيض الوجه
ولكنّها وجدته شاحب الوجه لا أبيض تنبض فيه الحياة ، وأخرى تركض باكيةً بحسرةٍ على
أطفالها الذين أخذهم الموت وهم جائعون - لا بأس لهم ثمار الجنة- ، ويظهر رجل هُدِم
داره بعد أن قضى أربعين عاماً يؤسسه بالحبِّ ، يهزّنا إيمانهم وتسليمهم بأنّهم
شهداء أو مشروع شهداء ، هم ليسوا أرقاماً أو إحصاءاتٍ لكلّ فرد منهم قصّةٌ وعائلةٌ
وحلمٌ وذاكرةٌ وقلبٌ ، لا تنسوهم ولا تعتادوا مشاهد الظّلم وانتهاك الأرواح
والمقدسات ، لنتداعى بالدّعاء لهم وللظّالمين بالدّعاء عليهم لأنّ بيننا وبينهم
جبال جثثٍ وأنهار حقدٍ ودمٌ وعويلٌ وثأرٌ طويلٌ سُيقضى به عاجلاً أم آجلاً .