بقلم رئيس التحرير أ. مصطفى طه باشا – صحيفة إنسان
سيطرت أجواء كأس العالم في قطر, على مُجريات وأحداث حياتنا, وبات الوقت مُرتبط بها, حيث تعلّقت أعمالنا وأشغالنا على توقيت المباريات, وبتنا نُنجز أعمالنا حسب فراغ اللعبة, فبعض الأعمال نقوم بها بين المباراتين - بحكم وجود أربع مباريات يوميًا - وبعض الأعمال الأخرى نقوم بها في استراحة بين الشوطين.
المونديال العالمي وحّد الشعوب وجمع شتات البشرية في كل بقاع الأرض, بعيدًا عن السياسة والدين والاقتصاد, أو أي انتماء عرقي وطائفي.
هذا المونديال ليس للكرة فحسب, فهو يُعتبر منبر للمضطهدين, كي يُعبّروا عن رغباتهم ويوجّهوا رسالاتهم للعالم عبر المدرجات والشاشات, ويحاولوا لفت أنظار العالم نحو قضاياهم التي يتم تجاهلها وتهميشها بشكل مُتعمّد, وخاصة من الدول الكبرى, كالقضية الفلسطينية والإيغورية والإيرانية, فقد اكتسحت القضية الفلسطينية اهتمام العرب, وسيطرت على أجواء وهتافات المُشجعين في هذا المونديال, حيث استطاعت التعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني, ونقلت جزء بسيط من مشاعر الحب والتضامن, الذي يحمله الإنسان العربي, واستطاعت بذلك توجيه أنظار العالم لقضية شعب ظلّ مضطهد لعقود, فقد تم حجبها وتهميشها من قبل الكيان المحتل ومن أنصاره - نقصد أمريكا وحُلفائها - وهنا يمكننا القول؛ بأنّ فلسطين انتصرت على المحتل, واستطاعت الشعوب العربية التنفيس عن رغباتها ومشاعرها تجاه القضية المشتركة, ويمكننا القول؛ بأنّ العرب خرجوا من قوقعة الخوف والارتباك أمام جهابذة العالم - كما كان سائدًا من قبل - وخاصة في موضوع الرياضة والتعبير عن الرأي, حيث استطاعت المنتخبات العربية تحقيق انتصارات هزّت وضجّت بها الكرة الأرضية قبل كرة القدم, فقد فازت السعودية على الارجنتين, والمغرب على بلجيكا, وتونس على فرنسا, وهذه النتائج بحدّ ذاتها إنجاز كبير للعرب, ويُبشّر بمستقبل واعد للكرة العربية في السنوات القادمة.
فهل نعتبر هذا المونديال؛ إنجاز عابر وصحوة مؤقتة, أو نعتبره صحوة واستفاقة عربية دائمة, ستليها إنجازات وانتصارات أكبر على صعيد الرياضة والسياسة؟