JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

جدتي أنجبت جنتي



بقلم الكاتبة السورية أ. هبة عبد العال - صحيفة إنسان


في مثل هذا اليوم؛ ولد قمري الجميل، هنيئاً لك يا ذاك اليوم بولادة البدر.

أشرقت شمس الأمنيات، وتعالت أهازيج الأفراح، معلنةً انجلاء غيمات الاضطراب، وكأن أقواس السحاب تشرب الغيوم، لتبقى السماء صافية الإشراق، على مدِّ العين والنظر، مبشرةً بولادة القمر.

مبارك لك يا جدتي فيما أنجبت، إنه أبي ومن كأبي يا رفقتي؟

جدتي الجميلة أنجبت جنتي، وروحي وريحاني ونعمتي، حظي وقسمتي أن أكون ابنة والدي الرجل التقي، لا شيء في الأرض يعادل ربع محبتي لأبي، بره غايتي ومقصدي، عيناه مأمني، يداه ملجئي، ظهره مسندي، رائحته مسك وريحان وماء ذهب، كيف ل حائرة مثلي أن تصف الفردوس ومذاق ماء الكوثر، كل شيء بقرب أبي مختلف، فنجان القهوة وعلبة التمر، لم يكن أبي جَامِعِيًّا، لكنه كان لسان الخير الناطق، وحكمة الحائر، ومقصد التائه، قبلته السماء، سلاحه الصلاة والدعاء، صاحب البال الطويل الرفيق الحنون، كل مساء يحدثني باسط ذراعيه، عن قصص من عالمه من زمانه الخاص، من دقة وصفه أكاد أشتم رائحة بيت جدي، وطعام جدتي، وأعيش تناغيم قصصه وأضحكها بخجل.

وفي نهاية كل قصة عبرة وعظة يرويها لنا لنستنبط منها الأمل، علمني الصبر، وثواب المحافظة على النعم، والصلاة وهدايا الدعاء، وقدسية الأخوة، وحنان الدم، ورابط العائلة شجرة سرو وأرز، هذا حبيبي الأول، والأخير، عمودي الفقري، ومصدر الضوء في عمري، أن غاب عن الدنيا، ذلك قضاء من الله وقدر، ولكني ولله إن غاب غبت، ودفنت روحي معه وأتيت، أصارع الحياة رويدا رويدا، وكان ذلك من الله حق، لأستيقظ ذات صباح، وقد أغمض عينيه والدي لأخر مرة، وسرقته مني المقابر، ليتها سرقتني! اسرقيني! اسرقيني! فما جدوى من حياة دون روح   وماجمال السماء من غير نجوم وقمر وما فائدة كحل العيون دون رموش! سلام عليك من ابنتك الصغرى، من وطني المنهك تعباً، إلى وطن النائمين طويلاً، سلاما على من يشتاق له قلبي، سلاماً على من آلمني رؤيته في الكفن، تمزقت الروح وتلعثمت الأحرف، ومازلت إلى الآن أدعو لك في الشفاء بدلاً من الرحمة!

رحمك الله يا من كان لي الفخر أن يتبع اسمها باسمك

ويا جمال اسمك يا والدي...

الاسمبريد إلكترونيرسالة