JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

انظر في جيبك الآن !



بقلم الكاتب الإماراتي أ. صالح الصيعري - صحيفة إنسان



قد لاتجِدُ شيئاً ... وتتهِمُني بِالمُّماذَقة(1) والتلاعب بك ، ولكن حتماً ليس هذا ما ارنو إليه ، فقط أريدك أن تشعر بِكل نِعمة رزقك الله بِها ، وأن لا تنظُر في جيّب غيرك ومايمّلكه من ثراءٍ وقصر مشيد ومركب أنيق ومنّصب رفيع ، وتتمنى أن لو أُلبِستَ هذه النِعم الزيّفه الزائلة .!! ، وتُعرض عن ما قد تمّتلِكُه أصلاً مِن رفاهية العيش السّوي . 


( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ) سُورة النحل  (18)


 فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ 

                          وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ 

وَإِذا طَمِعتَ كُسيتَ ثَوبَ مَذَلَّةٍ

                          فَلَقَد كُسِي ثَوبَ المَذَلَةِ أَشعَبُ .


- علي بن أبي طالب  -


 فإنك بِذلك تطمعُ فيما ليس لك ، وتُدني منك السخّط والحُنق على كُلِ نِعمة قد إختارها الله لك ، فالعملُ الصالح هو أولُ نِعمة تُغتبطُ عليها فهي عَطاءٌ عظيم من ربِّ العباد ، تليها الصحة والسمعُ والبصر والأمنُ وطُمأنينة القلبِ وراحة البالِ ولاسيّما نعمة ( الرضا والقناعة ) إن جاد الله عليك بِها ، فهنياً لك هذا الفضل فقد نِلت مقاماً عظيماً قلّما تعرفهُ القلوب السليمة ، حاول أن لاتُغادر هذه الفقرة !! إلا وجعلت لك نصيباً من هذا الحديث ؛ 

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافاً، وقنّعه الله بما آتاه(2) رواه مُسلم . 




قد أُبيحُ لك النظر في الأخرين ، لا في جيوبِهم !!

 وإنّما في إنجازاتِهم ونجاحاتِهم العِلمية والمعرفية وإسهاماتِهم في نمو ونهضة مُجتمعهم وتخلّقُهم بِالشّيم الصالحة ، لعلّك تقتدي بِهم وتهوى قُربُهم ومُشاركتِهم بل ومُنافستهم وتكُن في زُمرة الناجحِين والمُستكشفين منهم ، وتكُن بعيداً عن جشع النفس وطمع التملّك فقط من أجل التملّك !! وأن تكُفّ النظر في كيس أموالِ الغير ومايحتويه من الدراهم . 



وقد أُبيحُ لك النظر في نفسك !! نعم ، هل أنت راضٍ عن درجتك الوظيفية أو آخر شهادة حصلت عليها أو ركُون(3)مشروعك التجاري مُنذ سنوات من دُون أي تقدّم او تطوّر ، فمِن الأفضلُ لك أن تنّظر لكُل ماقد يجّلب لك النفعَ والخير لِنفسك ، وأن تُجنّب مُقلتيك إلى كُل ماقد يبعثُ لك الضرر والشُؤم وفساد القلبِ وطمعُ النفسِ  ، ولكن إيّاك إيّاك !! أن تُدوّي مسمعي بهذه الجملة المستهلكة وتقول ( القناعة كنز لايفنى ) اللتي هي في غيّرِ محلِّها ، مِن الأوْلى أن تُسمع نفسك هذه الجُمله وتُردّدها كثيراً عِندما تقرأ الفقرة ( الأولى ) ،  هذا إن كُنت أصلاً مِن اصحاب الجشعَ والطمع فيما يكنِزهُ الناسَ مِن الذهب والفضه وماتحّتويه أرصِدتُهم البنّكيه من الدراهِم . 



ولكن رويّداً علي ياصديقي القارئ .. أخشى أن تقول في نفّسك أني قد بالغتُ في نعّتِك و وصّفِك بالطمّاع أو التوّاق ، فمّما لاشكّ فيه أنك لست منهم ، فأنت اسّمى وأرقى مِن أن تنّظر في جيبِ غيرك وتطّمع فيه .. ولكن أخشى أن يتسلّل هو بين سُطوري ويكُن قليل التدبّر كثيرُ الغفلة ويمرُّ مُرور الكِرام بها ولا يعرفُ أني أقصده ، ويلتصِقُ قول حافِظ إبراهيم فيه وأيضاً يقرأ ولا يدّري . 


فقلب الغريبِ أتى سائلًا

                      وقلبك مَرَّ مرورَ الكرام . 


- حافِظ إبراهيم  -


(1) المُماذقة : السخرية واللعب . 

(2) رواه مُسلم 

(3) ركون : بِمعنى ثباتُك على الشيء

الاسمبريد إلكترونيرسالة