JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الطلاق الروحي



بقلم الكاتبة الجزائرية أ. بلقيس حمودي - صحيفة إنسان

 

عندما تنتهي فترة العسل تبدأ فترة الملل , فأمام ضغوطات الحياة تنطفئ شمعة الحب و تظهر الحقيقة التي طالما حاول كل واحد من الزوجين أن يخفيها عن الأخر أو بعبارة أصح يظهر الوجه الحقيقي لكليهما , ليبدأ فصل أخر من فصول الحكاية التي لم تكن عبارة ( يعيشون في ثبات و نبات و يخلفون صبيان و بنات ) نهاية لها كما إعتدنا في قصص الأميرات التي تأثر أغلبنا بها منذ طفولته فحاول أن يسقطها على حياته ليكتشف أن الواقع و الخيال خطان متوازيان من المستحيل أن يلتقيان .

يسمونه الطلاق الروحي , جملة قد تبدو غريبة بعض الشيء على أغلبنا في بادئ الأمر لأنه من المفروض أن ما يجمعه الحب الروحي لا يفرقه أي شيء مهما كان هذا طبعا في مفهومنا . لكن و بما أننا بتنا نجهل ماهية الحب أو كيف نعيشه فقد يحدث أن يضيع منا أو نضيعه بكل بساطة . ربما لأننا لم نكن نحب من الأساس إنما هيئ لنا فقط لأننا في لحظة من اللحظات إحتجنا لعيش التجربة أو لأن هناك شيئا معينا جذبنا لذلك الشخص فإعتقدناه حبا لنكتشف مع مرور الوقت زيف مشاعرنا لكن الحقيقة جاءت متأخرة .

إنه نوع رهيب من الطلاق لأنه يجبر شخصان لم يعد أحدهما يطيق الأخر على العيش تحت سقف واحد , قد يكون لذلك علاقة بالتراكمات و الضغوط المادية منها خاصة أو أنانية أحدهما و غروره و نرجسيته , قد يكون بفعل غياب الحوار و جمود العلاقة و قد يكون بسبب الإستهانة بالمشاكل أو بسبب الملل و الروتين الذي يفقد الحياة الزوجية رونقها و حيويتها و تجددها , و قد تجتمع كل هذه الأسباب معا فيغترب  كل واحد منهما عن الأخر و يصبح الرابط بينهما مجرد ورقة ثبوتية رسمية تشهد أنهما زوج و زوجة , ما الذي يبقيهما معا قد يقول البعض ؟ ( نحن مع بعضنا لأجل الأولاد و إلا لن نبقى معا دقيقة واحدة ) فمن الخارج هم عائلة يجمعها بيت و أطفال , وقد يحسدهما البعض على نعمة هم يرونها نقمة , لكن من الداخل هم روحان غريبتان عن بعضهما البعض , لكل روح منهما زاوية تأوي إليها ساعات إنفرادها بنفسها حيث تعيش الوحدة و الألم  فما أصعبها من حياة.

لكن المؤلم هو عدم إدراك هؤلاء أن الألم و الضرر الذي تسببه مثل هذه العلاقة على الأبناء أكثر مما يسببه الطلاق الفعلي , فهم و إن كانوا يعيشون في كنف أب و أم إلا أنهم يفتقدون للهناء و الإستقرار العاطفي و الدفء الأسري يفتقدون لأسرة حقيقية .

إن داخل كل إنسان طفل صغير و إذا لم يكن نمو هذا الطفل بطريقة سليمة و متوازنة سيكون حتما طفلا مشوها من الداخل تختلط عليه المفاهيم و الأحاسيس لتؤثر على شخصيته المستقبلية . و المؤسف حقا أن نسبة كبيرة من الأسر تعيش على هذا الوضع فهل نحن على أعتاب جيل مشوه الأحاسيس ؟ إن الزواج سكينة و مودة و رحمة و سكن و راحة , و الزوجان هما رفيقا درب واحد , يكمل كل واحد منهما الأخر فإن إنتفت تلك المعاني لم يعد لهذا الزواج معنى و لا داعى للإستمراره و صدق من قال ( إن أصعب لحظة أن تكون لا شيء في قلب جعلته كل شيء )

الاسمبريد إلكترونيرسالة