JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

"فتاة عشرينية "



بقلم الكاتبة أ. نجوى مصباح - صحيفة إنسان


في ليلة من الليالي أنجبت "فاطمة "طفلة سمتها "ماريا"على تسمية إحدى أخواتها المتوفاة كانت تلك الليلة صاخبة جداً وحافلة مثل يوم عرُسها فالفرحة تعم المكان فمع مرور الشهور والسنين بدأت تكبر "ماريا"كانت هذه الفتاة لاتعرف أحداً إلا عائلتها كانت متمسكة بهم كثيراً فالأم وصلت إلى مرحلة أنها تذهب معها "ماريا"في كل الأماكن التي تذهب إليها فلما بلغت "ماريا"وأصبحت بعمر كبير قليلاً فذات يوم من الأيام أصرت الأم وقررت أن تذهب برفقة زوجها خارج البلدة وتترك "ماريا"برفقة إخوتها وخالتها فحاولت الذهاب معهما إلا أنهما رفضا وأرادا في ذلك أن تتعود "ماريا"على البقاء لوحدها دون التواجد معهما دائماً لأن في ذلك ضرر يعود عليها فكانت متعلقة بعائلتها كثيراً فهي تقضي كامل أوقاتها معهما فحزنت كثيراً "ماريا "وشعرت بالوحدة بعد ذهاب والديها بالرغم من أن خالتها كانت تضحي بكل شيء من أجل إسعادها هي وإخوتها فبعد مرور الوقت عاد الأب والأم من سفرهما فغمرتها "ماريا"الفرحة حتى كادت أن تطير فشعرت الأم لم يصلح مافعلوه بمحاولتهم تلك فقررت مواجهتها بالكلام قليلاً فلم تفهم "ماريا"من كلام والدتها إلا أنها زادت إصراراً وأصبحت المسألة أكثر تعقيداً فدارت السنين فدخلت "ماريا"إلى مرحلة التأسيس وهي المرحلة الجامعية ففرحت الأم قليلاً بأن ابنتها المدللة "ماريا"قد نضجت وكبرت فأخذت "ماريا"كل مراحل السنة الجامعية بتفوق والدتها فخورين بها كثيراً فذات يوم من الأيام قرارا الذهاب إلى مكان بعيد قليلاً عن بلدتهما كالعادة استمتعت العائلة بوقتها في سعادة وهناء إلا أن جاء وقت عودتهم حزنت قليلاً "ماريا"فوافق الأب بمماطلة الإجازة إلى بضعة شهور أخرى ففرحت "ماريا"وكعادتها أخذت تتجول في طرقات المدينة وتستمتع بأوقاتها فحان موعد انصرافهم إلى المنزل فأعدت والدتهم الطعام وساعدتها "ماريا"في ذلك لم تستطع الإنتظار دون تناول بعض الأطعمة قبل أن يأتي الجميع وكانت تشكو "ماريا "من الجوع دائماً كما كانت والدتها تقول لها هذه ليست مشكلة في أنك تشعرين بالجوع إلا أن المشكلة أنك تشتهي ساعة الجوع شيئاً لا أحد يعرفه وأنتِ أولنا فقالت لأمها أحب الطعام كثيراً أظن أن هذا ماورثته عن عائلتي فبعد انتهاء الطعام الكل ذهب للقيلولة قليلاً وأخد قسطاً من الراحة إلا أن هناك فتاة لم تصبر وعجزت عن النوم لأن هناك رحلة في انتظارها على شواطئ المدينة فبدأت "ماريا"بصنع بعض الضجيج في المنزل حتى لا ينام أحداً من إخوتها فبدأت الأصوات تصدر من كل الأماكن فجاءت الأم قالت ماذا هناك ماذا يحدث ألا أحداً يجيب فأجابت "ماريا"قالت لوالدتها لم أستطع النوم أريد الذهاب فقالت والدتها اليوم سنبقى في المنزل ولن تذهب إلى أي مكان هذا ماأردتم بفعلتكم تلك فانزعجت "ماريا"قليلاً ومن ثم ذهبت لإعداد الأطعمة وصنع الكثير من الأشياء فوالدها قام بدعوة أصدقائه إلى المنزل وكانت محبة للطعام كثيراً حتى أنها تمزج الطعام بالحياة الواقعية ودائماً تقول أن هناك طعم ورائحة في حياتنا بأكملها ليس في الطعام فقط فبعد تحضيرها لمائدة الطعام الفاخرة الأم كانت منذهلة طوال الوقت وشعرت بأن ابنتها قد كبرت كثيراً فالكل أعطى أرائهم في الطعام وأعجبوا به ففرحت "ماريا"بذلك فانصرف الكل إلى منزلهم ففي اليوم التالي ذهبت "ماريا"برفقة عائلتها إلى شواطئ المدينة والكثير من الأماكن فكانت "ماريا"أشد فرحاً من إخوتها فهي تستمتع بقضاء الأوقات مع عائلتها منذ طفولتها فحان موعد رحيلهم إلى البلدة والكل وضب أمتعتهم وقام بتجهيزها فعندما حان وقت الإقلاع أخذت الأم تنظر إلى ابنتها طوال الوقت وكأنها أرادت قول بعض الأشياء لإبنتها فالكل وصل إلى المنزل في أفضل حال فمرت الأيام وذهبت العائلة بأكملها  لقضاء بعض الوقت خارج المنزل بإستتناء "ماريا"أرادت الإستلقاء في المنزل فمر وقت كثير لم يرجع أحداً إلى المنزل فبدأت " ماريا"بالإتصال للإطمئنان على عائلتها فلم يجب أحداً فانشغلت كثيراً حتى كادت أن تنفجر من القلق على عائلتها ففي الصباح الباكر اتصل عليها أحدهم قائلاً لها أسرعي أسرعي وأقفل الخط فاتصلت عليه مراراً وتكراراً ولكنه مقفل فسارعت بذهابها إلى المشفى فحين وصولها سألها الطبيب هل هذه عائلتك ؟ أجيبيني  لم تستطع أن تجيب كانت في حالة صدمة مخيفة كل الأشياء من حولها قد أظلمت لم تعد تسمع أحد ولم تستطع أن تجيب أحداً كانت في حالة من الذعور والصدمة والخوف استمرت على هذه الحال الكثير من الأشهر وللعلم هذه الفتاة متمسكة كثيراً من ربها حتى في حالتها تلك فكانت تلتجأ إليه والعبرات كادت أن تخنقها لأنها مدركة تماماً لا أحد يستطيع إخراجها من تلك الظلمة إلا الله وحده واستغرقت الكثير من الوقت لخروجها من تلك الحالة ولكنها خرجت في يوم من الأيام فشكرت الله كثيراً على ذلك لأنها لولا إيمانها وتمسكها بربها ماكادت أن تمشي خطوة واحدة فبعدما أن تعافت طالب عمها بأخدها إلى منزله فمرت الأيام فلم تعد تحتمل ولاتطيق مرارة العيش معهم فحزمت أمتعتها وقررت الذهاب إلى بلدة أخرى وترك بلدتها وكل ذكرياتها فلما وصلت استأجرت منزلاً صغيراً فهي كانت مذخرة بعض النقود وبدأت في المحاولة العثور على وظيفة حتى وجدت الوظيفة المناسبة لها رويداً رويداً بدأت أوضاعها تتساوى قليلاً ولكنها لازالت تشعر بالوحدة والقلق والخوف فكانت تتصرف بتصرفات غريبة حتى الكل ينظر إليه نظرة غريبة غير أنها لم تعد تبالي بأحد وتظن بذلك أنها ستنسى وتتهرب من واقعها المرير فذات يوم من الأيام التقيت بها كانت تتصرف بغرابة كثيراً حتى ظننتها أنها فقدت عقلها فألقت علي التحية وبعد ذلك انصرفت فمضت الكثير من الأيام لم ألتقي بها ذات يوم خرجت من منزلي فإذا بها أمامي فألقت علي التحية ومن ذهبت مسرعة وأنا ذهبت إلى المكان الذي قصدت الذهاب إليه فوجدتها هناك في الحقيقة ذهبت للحديث معها قلت ماأجمل تصادفنا هذه الأيام فإذا بها تقول لي ومن ذاك الذي أخبرك أنها صدفة أنا كنت دوماً أراقبك وأتجسس عليك دون أن تشعري بذلك فشعرت لوهلة بشعور غريب وبدأت أطرق الأحاديث لنفسي لماذا تريد ذلك ولماذا اختارتني أنا من دون الأخرين والكثير من الأسئلة التي كنت أتسائل فعرضت علي أن أكون صديقة لها في الحقيقة أنذاك الوقت قلت لها موافقة ولكن في داخلي شعور مريب فمع مرور الأيام اتصلت علي فأجبت فإذا بها تقول أريدك أن تأتي إلي مسرعة لأنني أشعر بوعكة صحية فذهبت إليها فإذا بها مستلقية وتشاهد التلفاز ولا بأس بحالها فقلت لها هل تشعرين بألمً في مكان "ما"فقالت لا أشعر بشيء ولكن أردتم أن تأتي وبدأت ضحكاتها تتوالى كعادتها فقلت بما أنك على مايرام سأنصرف حالاً فقالت لا لا اجلسي قليلاً فجلست معها فإذا أسمع بمنزلها أصوات غريبة فقلت لها ماهذه الأصوات قالت لي لاشيء في الحقيقة كنت خائفة قليلاً والوقت قد تأخر لا أستطيع أن أذهب إلى البيت فاضطررت إلى المبيت معها تلك الليلة فبدأت تسرد إلي قصتها حتى الصباح قالت لي أنا وحيدة وغريبة ولهذا أصبحت منعزلا على العالم الخارجي أذهب خارجاً عند قضاء حاجاتي ومن ثم أعود إلى المنزل وذات مرة قد سرقت النظر إليك من بعيد فقلت في نفسي لماذا لاتكون صديقة لي من الممكن أن تصبح ذلك وتستطيع تصليح أخطائي التي تعتريني فقلت لها إذا ًالحزن والألم الآن واضح من عينيك فلمَ تبتسمين طوال الوقت فقالت لي إذا أظهرت إليكِ الحزن ماالفائدة من ذلك هل سأتعالج ؟وقالت لا أمانع نفسي من الإبتسامة أن تظهر خارجاً ولكنني أمانع إظهار أحزاني لأن الشافي والمعافي هو الله "عز وجل "فقصتها كانت محط إستفادة لنفسي وللجميع من حيث عائلتها ومن حيث تركت بلدها وكل شيء ورائها لكي تحاول أن تنسى واقعها المرير لأن عمها بعد وفاة عائلتها أخد كل ممتلكاتهم وأرادها أن تعيش معه كخادمة وليست كإبنة أخ له ولهذا قررت الهروب بعيداً ومن حيث الأصوات التي أسمعها في منزلها قالت لي لدي إثنان من التلفاز فدائما ً أرفع أصواتهما لكي لا أشعر بوحدتي فبعد سماع قصتها حتى الصباح جلست للإفطار معها ومن ثم انصرفت إلى منزلي فعند وصولي طرقت الأحاديث إلى نفسي وأخدت العبر والمواعظ والإستفادة التي تعد ولا تحصى فقررت تغيير الكثير من الأشياء في نفسي وبعد ذلك اتصلت بها وأصررت على قدومها إلى منزلي فوصلت بعد مرور الوقت قالت لي أستأذنك الوقت قد تأخر قلت لها كلا لا تصرفين أريد منك المكوث معي هذه الليلة فوافقت على ذلك فبدأنا الأحاديث فسألتني قالت لمَ التغيير قلت لها في الواقع بعد سماع قصتك أدركت أن لاشيء يستحق العناء عليه سوى والديك وأن لا أحد باقٍ إلا الله "عز وجل "فقالت لي هل تريدين الحقيقة لا تستحقين التغيير ربما في القليل من الأشياء فقط فأنتِ فتاة جميلة الصفات ومهذبة الأخلاق ومفعمة بالحياة وكل شيء فيك متوازن وجميل فبعد ذلك شكرتها على صراحتها الجميلة ومن ثم قلت كما أن قد لامستني قصتك وغيرت في نفسي الكثير من الأشياء فأنا قد حان دوري في تغييرك قلت لها لا أستطيع ذلك بموافقتك فقالت موافقة على ذلك في داخلي شعور لا أستطيع وصفه ولكن حاولت ألا أوضح ذلك حتى لاتظن أن شخصيتها سلبية ولاتصلح وظننتها في بادئ الأمر غريبة الأطوار ولكن عندما تعمقت معها في الكلام وجدت أنها فتاة بريئة طيبة وحساسة بالرغم من أنها مرت بالكثير من الصعوبات فحاولت تغييرها والحمدلله نجحت في ذلك بفضل الله فقد أصبحت مع مرور الشهور والسنين أفضل فتاة في تغيير مسار حياتها مابين ليلة وضحاها ففرحت لها كثيراً فالسعادة تغمرني أنها حققت أهدافها من جهة ومن جهة أخرى حاولت تنفيد وصايا والديها واليوم قد نجحت في كلتيهما فاستفدت من قصتها شيء مهم للغاية وهو أن التوكل على الله أساس كل ناجح وأن الدنيا بالرغم من عوائقها وصعوبتها إلا أن هناك مخرجاً قد هيأه الله لك فقل يارب وأن الصبر على البلاء مفتاح كل فرج وأن تبتسم حتى في أحزانك خير لك من حزن لافائدة منه غير أنه يعود عليك بالضرر فالكثير من الأشياء قد تعلمتها واستفدت من قصتها فبدايتها كانت حزن ومن ثم انتهت بالسعادة فهذا صنع الله فالحمدلله على كل حال .

الاسمبريد إلكترونيرسالة