JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

أكتوبر الثورة



 بقلم الكاتبة العراقية د. فرح الخاصكي - صحيفة إنسان 


لقد جاء أكتوبر يحمل معه دزائن من الألوان و اللوحات المثيرة ، كعادته النشيطة و الصاخبة غير الكوكب بكل تفاصيله ، ألقى بسحره الخاص في تكوين بيئة انتقالية بين هدوء الربيع و نسماته ؛ و قسوة الشتاء و فظاظته ، جاء مغدقا علينا بزخاته السخية ، و أجوائه المتقلبة بين الأيام الغائمة ؛ المشمسة و المختلطة بين الحالتين في أحيان كثيرة ، ليهدي أيامنا الخريفية طوقا ملونا تتزين به سماؤنا المدللة و تتمتع به أنظارنا كنوع من الرضا و الفخر ..

في العام الماضي و في شهر أكتوبر ، كنت قد خبأت تحت شجرة التفاح المجاورة لمنزلي ، فانوسا سحريا صغيرا ، حمل في جوفه سري الصغير الذي تكرر على مدى أيام طويلة لم أكن أرغب بإخصائها لأني ورثت معتقد أن عد الأمور الثمينة يفقدها البركة .

كان المارد يحقق أمنيتي كل يوم دون تذمر ، فينقلني على قوس قزح لأحط فوق غيمة سحرية تأخذني بشكل يومي إلى ساحة التحرير ، كنت أطوف بها و كل الشوق أن أهبط هناك ، لكني كنت أعود بلمح البصر ، ليتكرر ذلك فيرضيني القليل الذي لا يشبع شوقي و لهفتي ..

هناك حيث صنع أبناء العراق وطنا جديدا بمعالم لاهثة ، رغم محاولات حرقها المستمر إلا أنها كانت كالعود تزداد طيبا كلما احترقت ، تزداد بياضا كلما أضرمت فيها النيران ، تتأجج ببسالة كلما أطلق عليها صنوف من العذاب و القسوة ، هناك حيث كان الموت لا يعني إلا روحا جديدة تتوحد مع روح الثورة العظيمة لتزيدها هولا ، ألقا و جمالا ، هناك حيث كنت أهبط كل يوم فوق غيمتي فأدعو أن يقروا عيونهم بوطن يستحقونه ، و يعلقوا أوسمة أسطورية سيكتب أنها كانت بروح عراقية شامخة و نضرة لم تمتد إليها أطماع تغير فطرتها النقية في الذود عن حرية الوطن و أبنائه ..

و لأنني ولدت في الشهر الذي ولد فيه جيل ثائر يلفظ كل صنوف الظلم ، جيل متمرد كأكتوبر الذي يغدق علينا بتقلباته و سحره الفاتن ، الذي لا ينبس يفاجئنا بتتابع بقدرته على تغيير موازين الأمور لجعلها أكثر روعة و سحرا ، كما حدث تماما هناك في ساحة التحرير ..

سأكرر للعام الثاني على التوالي ، أنني أكتوبرية بامتياز ، و يزيدني شرفا أنني من مواليد شهر الثورة .

الاسمبريد إلكترونيرسالة