بقلم أ. لُبنى القطّاش - صحيفة إنسان
العنوانُ
الكبيرُ للكثير منَّا يرسمُ حروفَه بوضوح (الانهماك)، إنَّنا نشغلُ ذواتنا حدَّ
الهلاك، لكلٍّ لُجّتُه الّتي يتخبّطُ فيها أحداثَ حياته، باحثينَ عن مرسى الرّاحةِ
دون أنْ نتيَقّنها!، حتّى شحُبت وجوهُنا، ولهثَت قلوبُنا، وشابت أرواحُنا المتعبة.
أشياءُ
كثيرةٌ تُثقِلُ أفكارنا، وأعباءُ فرضناها على أنفسنا بكامل إرادتنا، هاربون من
ماضٍ يأسرنا، أو واقع مضنٍ يؤلمنا، لاهثينَ إلى مجهول مستقبليٍّ نرسمه، وكلّنا
أملٌ أن يصبحَ حقيقتنا، في سبيل أن نرتاح أخيراً على حسب ظنِّنا!!
للأسف،
انهماكُنا هذا ما سرقَ إلَّا أجملَ أيّام العُمُر ، وبدلَ أن نستريحَ بعده؛ أظنُّه
قد سَلَبَ عافيتَنا، وحتّى السّكينةُ الّتي نطاردُها، أرجو ألّا تكونَ قد هربت
منّا إلى الأبد.
عزيزي القارئ، إن كنتَ ترى نفسَك قد مرَّ عمرُك دون
أن تشعر، أودُّ أن أُبشّرك أنّه لم يفُت الأوان، فهذهِ الدّنيا على كبرها في عينك،
هي وضيعةٌ لا تساوي جناحَ بعوضةٍ عند الله، وهي بلا شكٍّ لا تستحقُّ كلَّ هذا
الحثيث. ووقفتُك مع نفسكَ الآن لحظةٌ غايةُ الأهميّة، إيّاك أن تستخفَّ بها ..
إيّاكَ ألّا تُبالي، فهذهِ لحظةُ حقيقة. أنتَ من موضِعك هذا، لا تشبهُ إلّا أخوةَ
يوسفَ عليه السّلام، عندما تيقّنوا فظاعةَ خطأ عُمرهم مع أخيهم النّبيّ. ومع
اعترافهم بذاك الخطأ (إن كُنّا لخاطئين) سورة يوسف٩١، جاء الرّدُّ الشّافي من
النّبيِّ أن (لا تثريب عليكُمُ اليوم) سورة يوسف٩٢، وأنت صديقي كذلك لا تثريبَ عليك،
أي لا لومَ ولا عتاب.. فلا تَلُم نفسكَ على ذاك اللّهاثِ في خضمِ الحياة.. ولا
تُعاتبها على أيّامِ العمرِ المشحونةِ بالتّعب .. ولكن انظر إلى حقيقةِ هذه
الدّنيا الفانية بقلبٍ بصير، وتيقّن معنى ما بقي طالَ أم قصُر، وما يستحقُّ أن
يُشغَل فيه!!