بقلم الكاتبة السورية أ. نغم الجوجو – صحيفة إنسان
في
أصول اللغة العربيّة الساكنان لا يجتمعان إلّا في حالاتٍ نادرةٍ ولأسبابٍ عارضةٍ
وإن اجتمعا يكون هناك سقوطٌ لأحدهما ، وكذلك الحياة لا يصح فيها اجتماع شخصين
ساكنين لابد من الحركة و المبادرة لكي يحصل الاستمرار ، فمثلاً لا يصح أن يجتمع
شخصان يعانيان من البرود ولامبالاة سيقتحم الملل العلاقة ويطغى عليها الجمود
واللاسعادة ، تصبح الحياة بينهما قشرةً رقيقةً جداً مهددةً بالزوال لعدم وجود ما
يضفي عليها الحيوية و الحركة ، يجب أن يكون هناك نوع من الحماسة و ظهور ردود
الأفعال لخلق التقبل و الاستمرار ، تخيلوا أن يحصل اختلافٌ على شيءٍ معينٍ بينهما
ويكون البرود هو سيد الموقف ، لا نقاش ... لا إظهار لرأي أو حجة .... لا كلام ،
نعم الصمت كما يُقال هو عين الحكمة ولكن السكوت هنا يدحض لذة الحوار والكلام ،
فرقٌ كبيرٌ عندما تعطي أحدهم كوباً من القهوة فيقول : شكراً لك ...سلمت يداك, وبين
من ينظر ببرود وجمود بدون اي كلمةٍ جابرةٍ أو ابتسامةٍ عابرةٍ
البرود
تجاه الآخر قادرٌ على قتل سنواتٍ من الذكريات و إبعاده أكثر من ألف ميلٍ ، يخلق
الجفاء والبعد تدريجياً وتصبح الحياة فارغةً وخاليةًمن أي لونٍ مبهجٍ ، لوحةٍ
رماديةٍ كئيبةٍ وروتينيةٍ تبعث هدوءاً قاتلاً في الروح ومزعجاً ، والبرود ينتقل
بالعدوى وكأنه يحوي أشعةً تُلقي آثارها على الآخر وتجعل منه شخصاً جافاً ينظر لكلّ
شيءٍ بعدم اهتمامٍ وبعينٍ خالية من اللمعان ، ومن هنا أوجه رسالتي تمتعوا بالحيوية
والتفاعل ، وتهادوا الكلمات حباً و الابتسامة صدقةً ، حولوا المواقف إلى سعادة
وتفاعلوا مع الحياة ، لونوا أيامكم بألوان الطيف ، فالحياة متعبةٌ بعض الشي وتحتاج
من حينٍ إلى آخرٍ مَن يبعث فيها التغيير والتجديد ، ابتعدوا عن التكرار و العادة
واخلقوا كل ما هو جديدٌ ومفيدٌ فما هي إلا حياةٌ واحدةٌ نحياها وما نحن إلا سطورٌ
كُتبنا بماءٍ وسرعان ما نزول.