JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

البلدان مرآة قلوب سكانها




بقلم الكاتبة العراقية أ. فاطمة حسين – صحيفة إنسان

 

في رواية قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية ألف شفق 

وبأسلوب متواضع دار حوار بين قاضي بغداد وبين  صاحب التكية الصوفي بابا زمان 

قال القاضي وهو يلقي بثمرة التين من فمهِ:نحنُ نعيش في أروع مدينة في العالم أنها بغداد

والآن أصبحت بغداد تعج باللاجئين الذين هربوا من بطش جيش المغول، ونحنُ نوفر لهم ملاذاَ آمناً أنها مركز العالم..

أجابهُ صاحب التكية الصوفي بابا زمان يجب أن لاننسى أن المُدن تشبه البشر،فهي تولد،وتمر بمرحلتي الطفولة والمراهقة،ثم تشيخ وفي النهاية تموت وأظن أن بغداد قد بلغت الان آخر شبابها إذ لم نعد أثرياء كما كُنا في عهد الخليفة هارون الرشيد،لكن بالرغم من ذلك يحق لنا أن نفتخر بأننا لانزال مركز التجارة والحِرف والشعر،لكن من يعرف كيف سيكون حال المدينة بعد ألف سنة؟! فقد يختلف كل شيء.)

كانت هذا الرسالة في عام ١٢٤٢ ميلادي 

اي قبل٢٠٠ عام فقط

أستوقفتني هذهِ الاسطر فكيف يُمكن لبغداد المذكورة في كُل كتب العالم  بأنها رائعة الله في هذهِ الأرض أن تكون الآن بعد مرور مئتي عام من هذهِ الرسالة بكُل هذا الدمار والأسى وسفك الدماء،وتناثر أحلام الشباب؟!

بغداد مدينة الإحلام والسلام سابقاً،تغيرت لمدينة الدماء والأشلاء.

 هو كان  محق بغداد مركز العالم حتى وإن كانت في أواخر شبابها أو في مراحل كهولتها هي ليست مدينة عادية ك حال مُدن العالم عندما يُذكر أسمها للوهلة الأولى يخطر في ذهن السامع  الثراء والجمال والشعر والأدب مدينة تحمل تاريخ شعبي بأسم جنة عدن الأرض،صدقاً كيف سيكون حالها بعد٨٠٠ سنة من العام الحالي١٤٤٢؟!  أظن أنها ستعود عروسة هذهِ الأرض  كما عهدناها سابقاً في كُتب التاريخ فمن غير المنصف آلاف القرابين من الشبان  لأجلها وتموت بعد  كل هذا. 

أظن أن ذلك الصوفي محق فا أنا لا أعلم من هم الصوفين،يُقال أنهم مجانين يبحثون عن الله في أرض الله لكنهُ كان صادق عندما قال المُدن تشبه البشر أظن أنهُ يقصد أن المدن تشبه سكانها لذا تُساق كما يُساق سكانها في زوبعة الأرض المُقيتة مرتميةً في أحضان الزمكان تتغير بتغير السكان.

خيم الصمت في عقلي حتى وصلتُ لإجابة  شمس التبريزي واصفاً بغداد: لا أحد يُجادل أن بغداد مدينة رائعة لكن لايوجد جمال على وجه الأرض يدوم إلى الأبد  فهو محق المدن تنتصب فوق أعمدةٍ روحية كالمرايا العملاقة،كان صادق عندما قال المُدن تعكس قلوب سكانها،فإذا أُظلمت هذهِ القلوب وفقدت أيمانها،فأنها ستفقد بريقها وبهائها وقد حدث هذا لمدنٍ كثيرة، وهو يحدث دائماً.

شمس التبريزي دقيق في وصفهُ،المدن هي مرآة قلوب سكانها كون المدن و الأوطان  هي أرواح سكان أرضها التي تجوب الشوارع بحثاً عن النقاء لتعيد بهجة هذهِ المدن إلى سابق عهدها لاسيما العراق وبغداد

الأوطان ليست بقع جغرافية يُمكننا التخلي عنها هي الروح القرينة لأرواحنا وهي مرآة قلوبنا السحرية حتى لحظة الاستشهاد من أجلها.

الاسمبريد إلكترونيرسالة