بقلم
الكاتبة السورية أ. نغم الجوجو – صحيفة إنسان
في
جوف كلٍّ مِنا يوجد بنكٌ افتراضيٌ يحوي أرصدةً من المشاعر لكلِّ شخصٍ نعرفه في
حياتنا ، وهذا الرصيد يتغذى على المواقف اللطيفة ، والكلمات التي تُقال في وقتها
المناسب فتكون كالرّياح النّاعمة التي تبعث الهدوء في الرّوح ، وعلى الحبّ
والمودّة ، على ابتسامةٍ رأيتها في وقت حاجتك لها ، على رفيقٍ كان لك سنداً
وملاذاً من نور تتجه كلّ جوارحك إليه ، على لحظةٍ شعرت فيها بصدق الذي أمامك رغم
بساطة كلماته ، على دعوةٍ خرجت من قلبٍ محبٍّ متلهفٍ متمنياً لك الجبر والخير من
أعماقه ، على اهتمامٍ لتفاصيلك وأمورك دون طلبٍ منك ، على ثقةٍ ممنوحةٍ دون تخوينٍ
لك ، على نصيحةٍ من فؤادٍ خائفٌ عليك من الانطفاء ، وقد يقتات على شيء آخر
كالمواقف السّامّة ، والمحبّة المدلّسة ، والكلمات القاتلة للبهجة والهمّة ، وعلى
الحقد المدفون في الأعماق المتجلي في لمعة العيون ، على الابتسامة الشّامتة والصّفراء
، على كلّ كسرٍ للقلب والخواطر ، على ظلمٍ بغير وجه حقٍ ، على كثرة السّؤال ليس
اهتماما وإنّما للتشفي بك بسبب ما أصابك ، على الكذب والخداع ، على نفاقٍ مغلفٍ
بقشرة مودةٍ وهميةٍ ، على انتظارٍ لسقوطك و لانهيارك بفارغ الصّبر ، وبهذا الشكل
تصبح أرصدتنا مملؤةً إما خيراً أو عكس ذلك حسب سلوك مَنْ أمامنا ، والعملية
متبادلةٌ ومستمرةٌ دائماً... فإياكم أن تقبلوا باستمرار شخص في حياتكم لا يملأُ
رصيده إلا سُمّاً و أذىً لا تجعلوه يأخذ جنّتكم ويعطيكم ناره ، الواجب في حقه هو
الطّرد من هذه الجنّة إلى جحيمه ليتمتع به ، أما من يقدم لكم الجنّة و يملاُ رصيده
حُبّاً ورفقاً فاحرصوا عليه كحرصكم على حياتكم لأنّه والله لثمينٌ ، وكونوا أنتم
ذات أثرٍ طيبٍ في حياة الخلق وانثروا النّور أينما حللّتم واتقوا الظّلم فإنّ
الظّلم ظُلماتٌ في الدّنيا والآخرة ، لتكن لديكم يداً حانيةً تمسح على الأوجاع ،
وصوتاً مناجياً لله يطلب الرفق و البركة للعباد ، وروحاً تشع بالحِلم واللين ،
وقلباً رحبِاً يتسع لكلّ محبٍّ صادقٍ ، وعقلاً راجحاً متفكراً مدركاً أهمية أثره
الطّيب في البشر .. ( باختصار كونوا أرصدة خيّرة )